المفاهيم المطبقة في التنطيم الاداري - 1 الشخص المعنوي
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
عدد الرسائل : 220 تاريخ التسجيل : 11/11/2007
موضوع: المفاهيم المطبقة في التنطيم الاداري - 1 الشخص المعنوي الجمعة 12 ديسمبر - 0:38
رغم أن فكرة الشخصية المعنوية تدخل في دراسة الأصول العامة للقانون و تحديدا تحت نظرية الحق، إلاّ أن أهميتها بخصوص هذا الفصل تفرض علينا التعريف بها، و بيان مكانتها على الصعيد القانوني و موقف الفقه و التشريع منها، و استعراض أنواعها و نتائجها طبقا للقانون المدني الجزائري، و هذا ما سنتولى توضيحه في أربعة مطالب : الفرع 1 : تعريف الشخص المعنوي و أهميته الفرع 2 : موقف الفقه و التشريع من فكرة الشخص المعنوي الفرع 3 : أنواع الأشخاص المعنوية العامة الفرع 4 : النتائج المترتبة على الشخصية المعنوية
الفرع 1 : تعريف الشخص المعنوي و أهميته عرف الفقه الشخص المعنوي على أنه مجموعة من الأشخاص أو الأموال تتحد من أجل تحقيق غرض معين و معترف لها بالشخصية القانونية. إن الشخص المعنوي هو كيان له أجهزة خاصة تمارس عملا معينا و أن هذه الفكرة تنتج عنها مجموعة آثار من الناحية القانونية تجعل من هذا الشخص قادرا على إبرام العقود و له ذمة مالية خاصة به كما يتمتع بأهلية التقاضي، و قد تم إكتشاف هذه الفكرة لإضفاء الشخصية القانونية على مجموعة أشخاص و أموال سواء في مجال القانون العام كالدولة و الولاية و البلدية أو القانون الخاص كالشركات و الجمعيات. إن فكرة الشخص المعنوي لها فوائد جمة من الناحية القانونية فهي من جهة تضمن ديمومة الدولة لأنه حتى تمارس هذه الأخيرة مهامها و تشبع رغبات أفرادها تحتاج إلى إنشاء هيئات إقليمية أحيانا، و مصلحية أو فنية أحيانا أخرى لتكون بمثابة يد تساعدها على القيام بهذه المهمة، هذا فضلا، على أن فكرة الشخصية المعنوية تعد بمثابة وسيلة و تقنية قانونية تمكن الدولة من توزيع الإختصاص بين هذه الهيئات المستقلة. و على أساسها تثبت الشخصية القانونية لتجمعات الأشخاص و الأموال. و تطبيقا لهذه الفكرة تفصل أعمال الشخص المعنوي عن أعمال الشخص الطبيعي المشرف على تسييره فيتصرف الوالي باسم الولاية و رئيس البلدية باسم البلدية ...
الفرع 2 : موقف الفقه و التشريع من فكرة الشخص المعنوي أثارت فكرة الشخصية الإعتبارية جدلا كبيرا في الفقه و يمكن رد هذا الخلاف إلى ثلاث نظريات، ترى النظرية الأولى أن الشخص المعنوي شخصا إفتراضيا و رأى آخرون أن الشخص المعنوي حقيقة لا مجرد تصوّر أو إفتراض، و أنكر اتجاه ثالث فكرة الشخصية المعنوية من أساسها نوجز سند كل إتجاه فيما يلي :
1- نظرية الشخصية المفترضة : عرض النظرية : و تسمى بالنظرية الرومانية بسبب تبني شراح القانون الروماني لها كما أن لها سند فقهي في العصر الحديث يتزعمه الفقيه سافيني. و يرى أصحاب هذه النظرية أن فكرة الشخصية المعنوية ما هي إلاّ محض إفتراض و ليس لها أساس من الواقع. و يرجع السبب في إبتداع أصحاب هذه النظرية لفكرة الشخصية المفترضة إلى فكرة الحق من أساسها، فهم يرون أن صاحب الحق ينبغي أن يكون صاحب إرادة حقيقية، و الحال أن الإرادة الحقيقية لا تتوافر إلاّ عند الشخص الطبيعي، و لما كانت الجماعة في حاجة إلى جهد الأفراد و الهيئات لتحقيق المصالح المختلفة وجب أن يعترف لهذه الهيئات بالشخصيات القانونية على غرار الأشخاص الطبيعية لتتمكن من أداء وظيفتها و لن يكون ذلك إلاّ بالإعتماد و تطبيق فكرة الشخصية المعنوية و لو على سبيل الإفتراض. نقد النظرية : تعرضت هذه النظرية لجملة من الإنتقادات نوجز أهمها فيما يلي : 1- إنطلق أصحاب هذه النظرية من فكرة خاطئة مفادها أنه من لا إرادة له فلا حق له في حين أننا قد نكون بصدد حق دون إرادة كما هو الحال بالنسبة للمجنون و الصغير المميز فهؤلاء رغم افتقادهم للإرادة إلاّ أن حقوقهم مقررة و ثابتة. 2- إن الإفتراض عدم، و العدم لا يولد شخصا و لا ينشئ حقا. 3- واضح من منطوق هذه النظرية أنها تخلط بين مفهوم الشخصية في علوم أخرى كالفلسفة و علم النفس و بين مفهوم الشخصية في علم القانون. 4- إن فكرة الشخصية المعنوية الإفتراضية لا يمكن إعمالها و تطبيقها بشأن الدولة. لأنه إذا سلمنا بأن الدولة هي التي تنشئ الأشخاص المعنوية و لو على سبيل الإفتراض، فإن السؤال المطروح هو من أوجد الشخصية المعنوية للدولة.
2- الشخصية المعنوية فكرة حقيقية : عرض النظرية : إذا كانت الشخصية المعنوية ليست بالفكرة الإفتراضية أو المجازية فإنها حقيقة أساسها إجتماع عدة أفراد لتحقيق غرض معيّن مشروع، و هذا الإجتماع يؤدي إلى نشوء إرادة مشتركة منفصلة عن إرادة المكونين له و هي أساس فكرة الشخصية المعنوية. و حتى إن تدخلت الدولة فإن تدخلها لا يعني أنها هي التي أنشأت الشخص المعنوي بل لا يتجاوز الأمر حد الإعتراف. و اختلف أصحاب هذه النظرية في كيفية وجود هذه الإرادة الخاصة للشخص المعنوي نوجز وجهة نظر كل إتجاه لوحده. النظرية العضوية : ربط أصحاب هذه النظرية في مجال التكوين بين كل من الشخص الطبيعي و الشخص المعنوي فإذا كان جسم الشخص الطبيعي يتكوّن من مجموعة خلايا هي التي تبعث فيه الحياة و الحيوية و النشاط و تمكنه من الحركة و ممارسة سائر التصرفات، فإن خلايا الشخص المعنوي هم الأفراد المكونين له فاجتماعهم و اتحادهم هو الذي يظهر الشخص المعنوي إلى حيّز الوجود. نقد النظرية : لا يمكن الإعتماد على هذه النظرية لتحديد الطبيعة القانونية للشخص المعنوي لما تنطوي عليه من تصور خيالي و مقابلة لا أساس لها من الصحة خاصة و أن فكرة الخلايا المعتمد عليها كفكرة بديلة، تتوافر لدى النباتات و الحيوانات رغم عدم تمتعها بالشخصية القانونية. نظرية الإرادة : يرى أصحاب هذه النظرية أنه إذا كان الشخص المعنوي يتكوّن من مجموع إرادات مكونيه، فإن هذا الإجتماع ينتج عنه وجود إرادة جديدة مختلفة و مستقلة عن الأشخاص المكونين و هذا الأمر يعد جوهر إرادة جديدة مختلفة و مستقلة عن الأشخاص المكونين و هذا الأمر يعد حوهر و أساس فكرة الشخصية المعنوية. نقد النظرية : إن أهم نقد وجه لأصحاب هذه النظرية أنهم إذا كانون قد نجحوا في تفسير و تأصيل الشخصية القانونية لجماعات الأفراد، فإنهم عجزوا على تفسير بعض التجمعات كتجمعات الأموال.
3- النظريات المنكرة للشخصية المعنوية : على غرار ما حدث بالنسبة للاتجاه المعترف بالشخصية القانونية، اختلف المنكرون لفكرة الشخصية في تقديم بديل عنها نعرض رأيهم فيما يلي : نظرية الغرض : انطلق القائلون بهذه النظرية من فكرة أن الإنسان هو الشخص الحقيقي الوحيد في نظر القانون. و إن الشخص المعنوي ما هو إلا محض افتراض لا أساس له من الواقع، لذا وجب من وجهة نظر هؤلاء الاستغناء كلية عن فكرة الشخصية المعنوية و استبدالها بفكرة الغرض من تجمع الأشخاص أو الأموال. فوحدة الغرض التي يسعى إلى تحقيقها تجمع الأشخاص أو الأموال هي التي تفرض الإعتراف له بذمة مالية مستقلة عن ذمة مكونيه و تفرض الإعتراف له بمجموعة حقوق و إلتزامات و يعاب عن هذه النظرية أن الحقوق و الإلتزامات و الذمة المالية المستقلة لا تستند إلاّ لشخص يعترف به القانون. نظرية الملكية المشتركة : على نفس درب النظرية الأولى انطلق القائلون بهذه النظرية من فكرة أن الشخصية القانونية حكر على الشخص الطبيعي دون سواه لذلك رأى هؤلاء أن الشخص المعنوي ليس هو صاحب الحق بل الأشخاص الطبيعيون الذين يتكون منهم. ففي الجمعيات أصحاب الحق هم كل أعضاء الجمعية و في المؤسسات المنتفعون منها و في الشركات أعضاء الشركة و هكذا ... و يؤخذ على هذه النظرية أن تطبيقها ينجر عنه الرجوع بالفكر القانوني إلى الوراء خاصة و أن فكرة الملكية المشتركة عرفت ذيوعا في الحضارات القديمة قبل أن تظهر للوجود فكرة الشخصية المعنوية. و الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الإتجاه الفقهي الذي أنكر فكرة الشخصية المعنوية كان وراءه الكثير من الفقهاء الذين تركوا بصماتهم في علم القانون، و في مختلف فروعه، كالفقيه دوجي، جيز،بلانيول... و رغم النقد الموجه لها تظل قيمتها القانونية قائمة.
و رجوعا للقانون المدني و تحديدا لنص المادة 49 منه (المعدّلة في 2005) نجدها قد نصت على ما يلي : "الأشخاص الإعتبارية هي : الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات، الدواوين ..." و منها يفهم أن المشرع الجزائري كسائر المشرعين في مختلف الدول تبنى صراحة نظرية الشخص المعنوي لما لها من قيمة و أثر على الصعيد القانوني، و لأن الدولة فضلا عن وجودها كشخص معنوي تحتاج إلى أن تعترف بأشخاص معنوية كثيرة تختلف في موضوع نشاطها و مهامها حتى تساعدها في أداء وظيفتها الإدارية و الإقتصادية و الإجتماعية و غيرها. و حسنا فعل المشرع عندما تبنى فكرة الشخصية الإعتبارية لأنه لا يمكن لأي فكرة أخرى أن تحل محلها و أن ينتج عنها نفس الأثر من الناحية القانونية.
الفرع 3 : أنواع الأشخاص المعنوية العامة
نصت المادة 49 من القانون المدني على ما يلي : " الأشخاص الإعتبارية هي : - الدولة، الولاية و البلدية. - المؤسسات، الدواوين العامة ضمن الشروط التي يقررها القانون، المؤسسات الإشتراكية و التعاونيات و الجمعيات و كل مجموعة يمنحها القانون الشخصية الإعتبارية " من النص أعلاه يتضح أن المشرّع ذكر الأشخاص الإعتبارية بصيغة غير حصرية لأنه ورد في آخر النص عبارة "و كل مجموعة يمنحها القانون الشخصية الإعتبارية". و ذكر المشرع ضمن هذا التعداد الأشخاص الإعتبارية العامة بنوعيها الإقليمية و المرفقية أو المصلحية.
أوّلا: الأشخاص المعنوية الإقليمية 1- الدولة : جاء ذكرها على رأس المادة 49 ق.م نظرا لأهميتها و لأنها تشكل الشخص المعنوي الأم و باقي الأشخاص متفرعة عنها، و لا يحتاج وجود الدولة إلى نص في الدستور أ والقانون أو أي وثيقة أخرى. 2- الولاية : و هي منظمة جغرافية تتمتع بالشخصية المعنوية و الإستقلال المالي تمارس مهاما محددة في القانون، و لقد استقلت الولايات عن الشخص الأم (الدولة) ماليا و إداريا حتى تساعد الدولة ذاتها في أداء مهمتها بحسب ما تتطلبه الظروف الخاصة بكل جزء من الإقليم. 3- البلدية : و هي بدورها منظمة جغرافية مستقلة عن الدولة تمارس مهام محددة في القانون على مستوى رقعة أقل من الولاية أطلق عليها بالبلدية.
ثانيا : الأشخاص المعنوية المرفقية : و يطلق عليها الفقه اسم المؤسسات العامة و هي عبارة عن مرافق حدّد اختصاصها على أساس موضوعي أو إقليمي و تدار عن طريق منظمة عامة و تتمتع بالشخصية المعنوية، و تلعب هذه المؤسسات دورا لا يستهان به في مساعدة الدولة لقيامها بوظائفها المتعددة و تنقسم هذه المؤسسات إلى وطنية و أخرى محلية. - المؤسسات العامة الوطنية : و هي التي تحدثها الدولة و تشرف على تسييرها و لها نشاط يتجاوز حدود مقر إقليم محافظة واحدة أو بلدية واحدة. - المؤسسات المحلية أو الإقليمية : و تنشأ بقرار أو مداولة من الهيئات المحلية الولائية أو البلدية و عادة ما يرتبط نشاطها بالتنمية المحلية، فقد جاء في المادة 136 من قانون البلدية 1990: "يمكن للبلدية أن تنشأ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنوية و الإستقلال المالي لتسيير مصالحها العمومية". و جاء في المادة 126 من قانون الولاية 1990: " يمكن للولاية أن تحدث مؤسسات عمومية ولائية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي قصد تسيير مصالحها العمومية" و هذا و قد عرفت المؤسسات العامة تطورا كبيرا لازم نشاط الدولة فقد كانت في بداية ظهورها مؤسسات إدارية أو هيئات عامة ذات طابع إداري ثم ظهرت بحكم تفاعل عوامل عدة المؤسسات الإقتصادية نتيجة تدخل الدولة في المجال الإقتصادي بنوعيه التجاري و الصناعي.
الفرع 4 : النتائج المترتبة على الشخصية المعنوية
يترتب على الإعتراف بالشخصية المعنوية نتائج هامة أشارت إليها المادة 50 ق.م بقولها : "يتمتع الشخص الإعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان و ذلك في الحدود التي يقررها القانون يكون لها: - ذمة مالية - أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون - موطن و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها - نائب يعبر عنه - حق التقاضي" 1- ذمة مالية مستقلة : إن الهيئة المعترف لها بالشخصية المعنوية تتمتع بذمة مالية مستقلة عن الدولة، فللولاية ذمتها المالية المستقلة و للبلدية أيضا و للمؤسسة أيضا. 2- الأهلية : يخوّل للهيئة المستقلة القيام بأعمال تنتج آثارها القانونية و هذا طبعا في الحدود التي يبينها القانون، فالعمل الصادر عن الولاية أو البلدية ينبغي أن يكون في إطار قانون الولاية أو قانون البلدية. فليس للهيئة المستقلة صلاحية القيام بعمل منعه المشرع، و إن بادرت إلى ذلك كان عملها مشوبا بعيب في المشروعية، فمن حق الولاية أو البلدية أو أي هيئة مستقلة أن ترفع دعوى أمام القضاء كما يجوز مقاضاتها و رفع دعوى عليها و تتمتع بحق إبرام العقود و هذا طبعا في إطار ممارسة نشاطها دون حاجة لاستصدار إذن أو رخصة بالتعاقد. 3- الموطن : و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، و للموطن أهمية خاصة فيما تعلق بتحديد الإختصاص القضائي و رسم المجال الجغرافي لممارسة حق التقاضي. 4- نائب يعبّر عنه : ليس للشخص المعنوي وجود مادي ملموس يمكن أن يرى بالعين المجردة و إلاّ لماذا سمي شخصا معنويا، لذا وجب أن يمثله شخص طبيعي يتحدث باسمه، فالوالي نائب عن الولاية و رئيس المجلس الشعبي البلدي نائب عن البلدية.
الأخت منية
المفاهيم المطبقة في التنطيم الاداري - 1 الشخص المعنوي